فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الدخان: الآيات 30- 37]:

{ولقد نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (31) ولقد اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (32) وآتيناهم مِنَ الآيات ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (33) إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقولونَ (34) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبائنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (37)}.
اللغة:
{تُبَّعٍ} هو تبع الحميري الذي سار بالجيوش وحير الحيرة وبنى سمرقند وقيل هدمها كان مؤمنا وكان قومه كافرين ولذلك ذمّهم اللّه دونه وعبارة أبي حيان: الظاهر أن تبعا هو شخص معروف وقع التفاضل بين قومه وقوم الرسول عليه الصلاة والسلام وإن كان لفظ تبع يطلق على كل من ملك العرب كما يطلق كسرى على من ملك الفرس وقيصر على من ملك الروم قيل اسمه أسعد الحميري وكنّي أبا كرب، وذكر أبو حاتم الرياشي أنه امن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بتسعمائة سنة وروي أنه لما امن بالمدينة كتب كتابا ونظم شعرا، أما الشعر فهو:
شهدت على أحمد أنه ** رسول من اللّه باري النسم

فلومدّ عمري إلى عمره ** لكنت وزيرا له وابن عمّ

وأما الكتاب فروى ابن إسحق وغيره أنه كان فيه: أما بعد فإني آمنت بك وبكتابك الذي أنزل عليك وأنا على دينك وسنّتك وآمنت بربك ورب كل شيء وآمنت بكل ما جاء من ربك من شرائع الإسلام فإن أدركتك فبها ونعمت وإن لم أدركك فاشفع لي ولا تنسني يوم القيامة فإني من أمتك الأولين وتابعتك قبل مجيئك وأنا على ملّتك وملّة أبيك إبراهيم عليه السّلام ثم ختم الكتاب ونقش عليه للّه الأمر من قبل ومن بعد وكتب عنوانه: إلى محمد بن عبد اللّه نبيّ اللّه ورسوله خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم من تبع الأول. ويقال كان الكتاب والشعر عند أبي أيوب خالد بن زيد فلم يزل عنده حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم. وكانوا يتوارثونه كابرا عن كابر حتى أدوه للنبي صلى الله عليه وسلم. وقال قوم ليس المراد بتبع رجلا واحدا إنما المراد ملوك اليمن وكانوا يسمّون التتابعة، قال الجوهري: التتابعة ملوك اليمن والتبع الظل والتبع الظل والتبع ضرب من الطير. وعبارة الزمخشري: وقيل لملوك اليمن التتابعة لأنهم يتبعون كما قيل الأقيال لأنهم يتقيلون. وفي مختار الصحاح: التقيل شرب نصف النهار. وسمي الظل تبعا لأنه يتبع الشمس. هذا وكان منهم سبعون تبعا، قال النعمان بن بشير الأنصاري:
لنا من بني قحطان سبعون تبعا ** أطاعت لنا بالخرج منّا الأعاجم

ومنّا سراة الناس هو د وصالح ** وذوالكفل منّا والملوك الأعاظم

وقيل كانوا ثمانين فلم يتفق له في الشعر هذا وتفاصيل أخبارهم مبثوثة في بطون كتب التاريخ المطولة فليرجع إليها من استهوته قراءة الأساطير الممتعة وما فيها من قصص عجيب.

.الإعراب:

{ولقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ} كلام مستأنف مسوق لتسلية النبي صلى الله عليه وسلم عمّا كان يكابده من قريش وإثلاج صدره بأن اللّه قادر على إنقاذه وإنقاذ أتباعه من أذاهم كما نجى بني إسرائيل من القبط وهو أمر كان بحسب الظاهر أمرا بعيد الوقوع.
واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{نجينا} فعل وفاعل و{بني إسرائيل} مفعول به و{من العذاب} متعلقان بنجينا و{المهين} صفة للعذاب.
{مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} {من فرعون} بدل من قوله: {من العذاب} بإعادة الجار كأنه في نفسه كان عذابا مهينا لما كابدوه منه من عذاب وإهانة وقيل متعلقان بمحذوف حال من العذاب أي كائنا أو صادرا من فرعون، وإن واسمها وجملة {كان} خبرها واسم كان مستتر تقديره هو و{عاليا} خبرها و{من المسرفين} خبر ثان لكان وجملة إن وما بعدها لا محل لها لأنها تعليلية.
{ولقد اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ} الواو عاطفة واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق و{اخترناهم} فعل وفاعل ومفعول به و{على علم} متعلقان بمحذوف حال وعلى بمعنى مع أي مع علمنا بأنهم يزيفون وتفرط منهم الفرطات و{على العالمين} متعلقان باخترناهم أو لكثرة الأنبياء منهم.
{وآتيناهم مِنَ الآيات ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ} عطف على ما تقدم و{آتيناهم} فعل وفاعل ومفعول و{من الآيات} حال مقدّم و{ما} مفعول به ثان لآتيناهم و{فيه} خبر مقدم و{بلاء} مبتدأ مؤخر و{مبين} صفة لبلاء والجملة صلة الموصول.
{إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقولونَ} إن واسمها واللام المزحلقة و{يقولون} فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والجملة خبر إن وجملة {إن هؤلاء} مستأنفة مسوقة للحديث عن قريش بعد استطراد حديث بني إسرائيل.
{إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الأولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} {إن} نافية و{هي} مبتدأ و{إلا} أداة حصر و{موتتنا} خبر {هي} و{الأولى} نعت، وسيأتي معنى الميتة الأولى في باب الفوائد، والواو حرف عطف و{ما} نافية حجازية و{نحن} اسمها و{بمنشرين} الباء حرف جر زائد ومنشرين خبرها منصوب محلا مجرور لفظا.
{فَأْتُوا بِآبائنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} الفاء الفصيحة أي إن كنتم صادقين فيما تقولون فعجّلوا لنا إحياء من مات من آبائنا لينهض دليلا على ما تعدّونه من قيام الساعة وبعث الموتى.
{أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ} الهمزة للاستفهام الإنكاري وهم مبتدأ و{خير} خبر و{أم} حرف عطف و{قوم تبع} عطف على {هم} و{الذين} عطف على {قوم تبع} ومن قبلهم متعلقان بمحذوف صلة {الذين}، وجملة {أهلكناهم} حال من المعطوف والمعطوف عليه أو مستأنفة لا محل لها وإن واسمها وجملة {كانوا مجرمين} خبرها والمراد بالخيرية المفضلة القوة والمنعة في الدنيا، وجملة {انهم كانوا مجرمين} تعليلية لا محل لها لأنها تعليل لإهلاكهم.

.الفوائد:

معنى الموتة الأولى أنهم لما وعدوا بعد الحياة الدنيا حالتين أخريين الأولى منهما الموت والآخرى حياة البعث أثبتوا الحالة الأولى وهي الموت ونفوا ما بعدها وسمّوها أولى مع أنهم اعتقدوا أن لا شيء بعدها لأنهم نزلوا جحدهم على الإثبات فجعلوها أولى على ما ذكرت لهم وهذا أولى من حمل الموتة الأولى على السابقة على الحياة الدنيا لوجهين أحدهما أن الاقتصار عليها لا يعتقدونه لأنهم يثبتون الموت الذي يعقب حياة الدنيا وحمل الحصر المباشر للموت في كلامهم على صفة تذكر لا على نفس الموت المشاهد لهم فيه عدو ل عن الظاهر بلا حاجة، الثاني أن الموت السابق على الحياة الدنيا لا يعبر عنه بالموتة فإن الموتة فعلة فيها إشعار بالتجدّد والطريان والموت السابق على الحياة الدنيا أمر مستصحب لم تتقدمه حياة طرأ عليها مع أن في بقية السورة قوله تعالى: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} وإنما عنى بالموتة الأولى هنا الموت المتعقب للحياة الدنيا فقط.

.[سورة الدخان: الآيات 38- 50]:

{وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (38) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ ولكن أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (39) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لا يُغْنِي مولى عَنْ مولى شَيْئًا ولا هُمْ يُنْصَرُونَ (41) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هو العَزِيزُ الرَّحِيمُ (42) إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعامُ الأثيم (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)}.
اللغة:
{مولى} في المختار: المولى المعتق وابن العم والناصر والجار والحليف.
{شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} تقدم الكلام فيها في سورة الصافات فارجع إليها.
{المهل} اسم يجمع معدنيات الجواهر كالفضة والحديد، والصفر ما كان منها ذائبا، والقطران الرقيق، والزيت الرقيق، والسم، والقيح، أوصديد الميت خاصة، وما يتحات عن الخبز من الرماد، وهو بضم الميم وأجازوا فتح الميم لأنهم سمعوا لغة قليلة فيه وإنما المهل بالفتح التؤدة والرفق.
{الْحَمِيمِ} الماء الشديد الحرارة.
{فَاعْتِلُوهُ} أي فقودوه بعنف وغلظة، والعتل هو أن يأخذ بتلابيب الرجل فيجر إلى حبس أوقتل ومنه العتل وهو الجافي الغليظ وفي المختار: عتل الرجل جذبه جذبا عنيفا وبابه ضرب ونصر. فقولهم العتّال للذي ينقل الأحمال بالأجرة صحيح لا غبار عليه والحرفة العتالة.

.الإعراب:

{وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ} كلام مستأنف مسوق للتدليل على صحة الحشر ووقوعه ولك أن تعطفه على ما قبله ليتناسق الكلام ويلتئم طرفاه. و{ما} نافية و{خلقنا السموات} فعل وفاعل ومفعول به {وما} عطف على {السموات والأرض} و{بينهما} ظرف متعلق بمحذوف هو صلة {ما} و{لاعبين} حال من الفاعل.
{ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ ولكن أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} الجملة مفسّرة لما قبلها و{ما} نافية و{خلقناهما} فعل وفاعل ومفعول به و{إلا} أداة حصر و{بالحق} حال أي محقّين في ذلك ليكون في ذلك برهان للعاقل والواو حالية و{لكن} حرف مشبه بالفعل للاستدراك و{أكثرهم} اسمها وجملة {لا يعلمون} خبرها.
{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} إن واسمها و{ميقاتهم} خبرها و{أجمعين} تأكيد للضمير أي للناس جميعا.
{يَوْمَ لا يُغْنِي مولى عَنْ مولى شَيْئًا ولا هُمْ يُنْصَرُونَ} {يوم} يجوز أن يكون بدلا من {يوم الفصل} وأن يكون ظرفا لما دلّ عليه الفصل أي يفصل بينهم يوم لا يغني، ولا يتعلق بالفصل نفسه لأنه قد أخبر عنه، وجملة {لا يغني} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{مولى} فاعل و{عن مولى} متعلقان بيغني و{شيئا} مفعول به أو مفعول مطلق أي قليلا منه والواو حرف عطف و{لا} نافية و{هم} مبتدأ وجملة {ينصرون} خبر وهو مبني للمجهول والواو نائب فاعل.
{إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ} {إلا} أداة حصر و{من} في محل رفع بدل من الواو في {ينصرون} أي لا يمنع من العذاب إلا من رحمه اللّه، ويجوز أن ينصب على الاستثناء فيكون منقطعا على رأي الكسائي أي ولكن من رحم اللّه لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من ينفعهم من المخلوقين أو متصلا تقديره لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون في بعضهم وجملة {رحم اللّه} صلة الموصول.
{إِنَّهُ هو العَزِيزُ الرَّحِيمُ} إن واسمها و{هو} مبتدأ أو ضمير فصل و{العزيز الرحيم} خبران لأن أو لهو والجملة خبر إن.
{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الأثيم} إن واسمها و{الزقوم} مضاف إليه و{طعام الأثيم} خبرها.
{كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} {كالمهل} خبر ثان لأن وجملة {يغلي} حال من {الزقوم} أو من {طعام الأثيم} وقد تقدم بحث مجيء الحال من المضاف إليه لأنه كالجزء من المضاف و{في البطون} متعلقان بيغلي والكاف ومجرورها نعت لمصدر محذوف أي تغلي غليانا مثل غليان الحميم. {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ} {خذوه} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعله والهاء مفعوله والأمر للزبانية فالجملة مقول قول محذوف، {فاعتلوه} عطف على {خذوه} و{إلى سواء الجحيم} متعلقان باعتلوه أي إلى وسط الجحيم.
{ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{صبّوا} فعل أمر وفاعل و{فوق رأسه} ظرف متعلق بصبّوا و{عذاب الحميم} مفعول به.
{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} الجملة مقول قول محذوف أي ويقال له ذق، و{ذق} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وإن واسمها و{أنت} مبتدأ أو ضمير فصل و{العزيز الكريم} خبران لأن أو لأنت وجملة {إنك} إلخ تعليلية وسيأتي سر هذا التعليل في باب البلاغة.
{إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} إن واسمها و{ما} خبرها وجملة {كنتم} صلة و{به} متعلقان بتمترون وجملة {تمترون} خبر {كنتم}.

.البلاغة:

1- في قوله: {ثم صبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم} استعارة مكنية تخييلية فقد شبّه العذاب بالمائع ثم خيّل له بالصب.
2- وفي قوله: {ذق إنك أنت العزيز الكريم} فن التهكم وقد تقدم أنه عبارة عن الإتيان بلفظ البشارة في موضع النذارة والوعد في مكان الوعيد تهاونا من القائل بالمقول له واستهزاء به وقد تقدمت أمثلته في مواضعها كقوله تعالى في النساء: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما} وهو أغيظ للمستهزأ به وأشد إيلاما له.

.[سورة الدخان: الآيات 51- 59]:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (53) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمنين (55) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأولى ووقاهم عَذابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هو الفَوْزُ الْعَظِيمُ (57) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)}.
اللغة:
{السندس} هو ما رقّ من الديباج، والإستبرق ما غلظ منه، وهو تعريب استير قال الزمخشري: فإن قلت: كيف ساغ أن يقع في القرآن العربي المبين لفظ أعجمي؟ قلت إذا عرب خرج عن أن يكون أعجميا لأن معنى التعريب أن يجعل عربيا بالتصرّف فيه وتغييره عن منهاجه وإجرائه على أوجه الإعراب. وهناك سؤال آخر أو رده الملحد ابن الراوندي وهو كيف وعد اللّه أهل الجنة بلبس الإستبرق وهو غليظ الديباج مع أنه عند أغنياء الدنيا عيب ونقص؟ والجواب أن غليظ ديباج الجنة لا يس أو يه غليظ ديباج الدنيا حتى يعاب كما أن سندس الجنة وهو رقيق الديباج لا يس أو يه سندس الدنيا، وقد أشبع أبو العلاء المعرّي في رسالة الغفران ابن الراوندي تهكما وسخرية.

.الإعراب:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ} وإن واسمها وفي مقام خبرها و{أمين} نعت لمقامِ.
{في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الجار والمجرور بدل من في {مقام} بإعادة الجار.
{يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ} الجملة إما خبر ثان لأن وإما حال من الضمير المستكن في الجار و{من سندس} متعلقان بيلبسون و{متقابلين} حال من الضمير في {يلبسون} وفي هذه الحال وصف جميل لمجالس أهل الجنة لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض لدوران الأسرة بهم.
{كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} {كذلك} خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر كذلك وهذه الجملة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه جيء بها للتقرير، {وزوجناهم} عطف على {يلبسون} وهو فعل ماض وفاعل ومفعول به و{بحور} متعلقان بزوجناهم و{عين} نعت لحور، وسيأتي في باب الفوائد وصف طريف للحور العين.